الجمعة، نوفمبر 11، 2016



انحلال الحضارات 


ما من  حضارة من حضارات البشرية  إلا وشهدت تنوّعاً في المذاهب و المدارس الفكرية 
المنضوية تحتها، واختلافاً في التيارات والاتجاهات الفكرية الصادرة عنها،مما يعتبر هذه الظاهرة كعلامة حيوية لهذه الحضارة او تلك 
 مما دفع كثيراً من المختصّين بتاريخ الحضارات الانسانية 
في العصور الحديثة إلى افتراض أن جمود حضارة مّا، وانغلاقها ،
وقمعها للتنوّع الفكري الداخلي فيها، أحد أهمّ أسباب انحلال تلك
الحضارة وتراجعها وانحسارها على مستوى العالم 
والحضارة الإسلامية ليست استثناء من تلك الفرضية  و من تلك الحضارات التي شهدت في
تاريخ ازدهارها هذا الأمر،  الحضارة الاسلامية   شهدت تنوّعا مذهلاً
في المذاهب والتيارات الفكرية ،  ولأن هذا التنوّع دفع منتسيبيها  إلى
خوض نقاشات غنية  فكرياً من أجل أن يدعم كلُّ طرفٍ رأيه وفكره .
نعم، لم تكن قصّة تلك النقاشات على مستوىً واحدٍ من الجودة
والالتزام بقواعد العلم وضوابط آداب البحث ، ولا على مستوىً واحدٍ في
تصوُّرها لدور العنف وتوظيفه في حسم تلك النقاشات. فلا نعدم  حقيقتا وجود
نقاشات انتهت إلى صدام  فكريٍّ وتكفيرٍ دينيٍّ ادى بحياة الكثير من المسلمين  ، من أجل نصرة بعض الأفكار والمعتقدات؛  بعضها على بعض و يتحمّل
الطرفان إفرازات هذا الصدام ، وفي أغلب الاحيان يقع الوزر على الطرف المتغلّب
على السلطة، والماسك بزمام الأمور على أرض الواقع.
إلا أن من حسنات هذا العصر ، أنه قلّص كثيراً من وجود أمثال تلك الظواهر، واعطى  المجال للناس ليقولوا ما يشاءون ويعتنقوا
ما يريدون ؛ بدون إكراه أو اجبار؛ مما أعطى فرصةً كبيرةً
للمعتقدات  أن تجد لها فسحة من الحركة  لم تكن لتتمتع بها في وقت سابق، حين كانت السلطة
السياسية تشدِّد من قبضتها على حياة الناس الخاصّة، وتحول بينهم وبين
خياراتهم العقدية والفكرية .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كلمة حق للشيخ الاستاذ عبد الفتاح مورو