السبت، نوفمبر 26، 2016

لماذا يتم إقصاء الآخر وإلغاؤه ؟ (2)

نتابع
ولذا لا يمكن الاستغراب من الدعوات المفتوحة للتعاطي مع الآخر، والتي نشاهدها
في كثير من الاحيان ، والخالية من أية معاير  في التعاطي أو الاعتراف من جانب واحد، وفي
تصورنا أن مردها التعصب للذات التي تنتج ردّ فعل قاسية تدعو للاعتراف بالآخر من
دون أي حد، وذلك لأن حالة الإلغاء المستمرة والدائمة تُحوِّل التعصب إلى حالة عكسية غير
مضمونة النتائج.
والمشكلة الأكبر أهمية في هذه الظاهرة ، أن الجميع يشتكي من حالة الإلغاء والإقصاء
التي تُمارس ضده من الآخر، ويحاول دائماً طرح ذلك على قاعدته الفكرية والسياسية،
بينما يمارس هو الإقصاء بعينه، ويقوم بوضع الخطط تلو الخطط لإلغاء الآخر المنافس
له، حتى لو تخطَّى في بعض الأحيان ضوابط الشرع والأخلاق. وفي تصورنا، إن هذه هي
المشكلة الأكبر التي تواجه الجميع في طريق معالجة هذا المرض الخطير الذي يسود ساحتنا
الإسلامية.إن الإقصاء نتائجه وخيمة، ولا يمكن اختزالها الا في شيء أساسي أشار إليه القرآن
وهو «الفساد » الذي يجلل كل مناحي الحياة بشتى صورها الثقافية والسياسية والاجتماعية..
والمهم ايضا  هو ترسيخ الحالة السلبية في المجتمع، مما ينتج عن ذلك فساد في جوانب المجتمع بشكل شمولي.
إن عدم الاعتراف بالآخر وإلغاؤه من الساحة سبب رئيسي للاختلاف، وبالتالي يُهدِّد
المجتمع  بالانقراض، وذلك لأنه يساهم في إذكاء روح الخلاف والفرقة، وهذا يعنى أن المجتمع
يتجه نحو الذوبان والانقراض، بفعل التنازع والاختلاف.
لأن هذا المرض جعل المثقفين  في الساحة بدلاً من الاتجاه نحو التغيير، يتجهون إلى
بوصلة التنازع والشقاق، وبالتالي تتحوَّل الساحة إلى جحيم ، بسبب انتشار حالة
التعبئة المتبادلة بين الأطراف، وينطبق عليهم قول الله في ذهاب قوتهم، حيث يقول الله في
كتابه:(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ)





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كلمة حق للشيخ الاستاذ عبد الفتاح مورو